لفت النّائب فريد البستاني إلى "أنّنا كنّا نأمل خيرًا من زيارات المبعوث الأميركي توماس باراك إلى لبنان، إلّا أنّها لم تحصد في حقيقة الأمر سوى الرّيح، حتّى أنّه لم يتفهّم على رغم تكرارها خصوصيّة الوضع اللّبناني الدّاخلي، الّذي يتطلّب الكثير من الدّقّة والحكمة والتأنّي في مقاربته، لا بل خرج خلال زيارته الأخيرة ونتيجة الطّروحات الّتي حملها معه، عن إطار الصّورة المرسومة في أذهان اللّبنانيّين؛ بحيث لم نعد نفهم طبيعة دوره ومهمّته ما إذا كان وسيطًا أم مفاوضًا أم مقرّرًا في ملفّات المنطقة".
وأوضح، في حديث لصحيفة "الأنباء" الكويتيّة، أنّ "لدى لبنان ثوابت وطنيّة لا يمكن التهاون بها أو مقاربتها بخفّة، وأبرزها ثلاث: أوّلًا تطبيق اتفاقيّة وقف إطلاق النّار من الجهتَين اللّبنانيّة والإسرائيليّة، خصوصًا أنّها تشكّل الرّكن الأساس الّذي ستُبنى عليه المرحلة المقبلة، وتقضي بانسحاب الجيش الإسرائيلي من النّقاط الخمس الّتي احتلّها في جنوب لبنان، إضافةً إلى تحرير الأسرى اللّبنانيّين من السّجون والمعتقلات الإسرائيليّة. ثانيًا حصريّة السّلاح بيد الدّولة، وثالثًا عودة النازحين السوريين إلى بلادهم، ضمن الحل الشّامل في المنطقة الّذي تحدّث عنه الأميركي ووعد بتحقيقه".
وأشار البستاني إلى أنّ "ما فعله باراك هو أنّه تقلّب في المواقف بين يوم وآخر، لاسيما خلال زيارته الأخيرة، وصولًا إلى التحدّث بسقف عال عن تحديد مهلة زمنيّة لسحب السّلاح تمتد من 1 آب المقبل حتّى 15 منه، وكأنّه في خلفيّة هذه المهلة التعجيزيّة إعطاء الإسرائيلي ذريعةً لضرب لبنان، والاستمرار في استهداف المدن والمناطق والبلدات اللّبنانيّة؛ ناهيك عن استهداف المدنيّين".
وشدّد على "أنّنا كدولة لبنانيّة نتطلّع إلى ترسيخ الاستقرار عبر انسحاب إسرائيل من الجنوب، وترسيم الحدود البرّيّة معها. لكن ما تبيّن لنا بالوقائع والحيثيّات، أنّ كل ما سمعناه من العالم بأسره عن دعم لبنان أقلّه معنويًّا، لا يزال حتّى تاريخه مجرّد كلام ومواقف لم يصر إلى ترجمته على أرض الواقع، ولم يعد بالتالي أمام لبنان أقلّه حتّى السّاعة سوى الوسائل والمسارات الدّبلوماسيّة للخروج من دوّامة الاعتداءات الإسرائيليّة، وذلك بتطبيق القرار الدّولي 1701 وملحقاته في اتفاق وقف إطلاق النّار؛ وترسيم الحدود البرية".
كما اعتبر أنّ "دعوة البعض إلى سحب السّلاح بالقوّة، من شأنها إشعال فتنة داخليّة نعلم كيف تبدأ لكنّنا نجهل أين وكيف ستنتهي، وهي بالتالي الطّريق الخطأ المرفوض سلفًا أيًّا تكن الأسباب والموجبات لاتباعه، والّذي لا بدّ من قطعه أمام تنّين المواجهات العبثيّة"، مؤكّدًا أنّ "الحل الوحيد لسحب السّلاح يكمن فقط بالحوار والتفاهم".
وركّز البستاني على "أنّنا اليوم في مرحلة ترقّب وانتظار، إلى حين اجتراح الحلول السّلميّة لحصريّة السّلاح بيد الدّولة، الّتي من شأنها حال نفاذها إلى التطبيق العملي أن تُدخل لبنان في مرحلة واعدة ومشرقة، قوامها النّهوض بلبنان الجديد على كل المستويات من دون استثناء".